Rabu, 23 Oktober 2013

من سنّة المصافحة بين الرجال و النساء

0 komentar
من سنّة المصافحة بين الرجال و النساء

المصافحة عند اللقاء والسلام من آداب الإسلام وأخلاقه الكريمة، فهي تعبير عن المحبة والمودة بين المتصافحين، كما أنها تذهب الغل أو الحقد والكراهية بين المسلمين، وقد جاء في فضلها حديث عظيم جليل يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا. رواه أبو داود.
وقد كانت المصافحة من العادات المشهورة بين الصحابة رضوان الله عليهم.
فعَنْ قَتَادَةَ قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : هَلْ كَانَتْ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه البخاري.
قال ابن بطال : المصافحة حسنة عند عامة العلماء . وقال النووي : المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي. كما في "فتح الباري"
تعريف المصافحة و كيفيتها
المصافحة لغةً: إلصاق صفحة الكفِّ بالكف، مع إقبال الوجه بالوجه.[1]
وفي الاصطلاح: وضْع كفٍّ على كفّ، مع ملازمة لهما قَدْر ما يَفرغ من السلام ومن سؤال عن غرض.
وعلى هذا، يكون الترابط قائماً بين المعنى الاصطلاحي للمصافحة مع الإطلاق اللغوي بشأنها.[2]
وإن للمصافحة كيفيّتها وآدابها الشرعية. فالأصل فيها: أن تكون باليد الواحدة من كلٍّ من المتصافحيْن. فقد وردت الأحاديث والآثار الموضحة لكيفية وآداب المصافحة بما يفيد أنّ المصافحة بحسب الأصل فيها تكون باليد الواحدة. فقد جاء في حديث أنس رضي الله عنه: "فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ." وفي حديث بريدة بن الحصيب: "فَأَخَذَ بِيَدِهِ."[3]
أما ما ذهب إليه بعض الفقهاء من الحنفية والمالكية من استحباب المصافحة بكلتا اليدين ، فيضع بطن كفه اليسرى على ظهر كف أخيه ، فهذا لم يثبت فيه سنة معتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، وإنما غاية ما فيه أنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يد الصحابي بكلتا كفيه لمزيد عناية من تعليم وإرشاد وغيره، كما في صحيح البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ وكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ.
ولكن لم يكن ذلك هو العادة المطردة ، بدليل التقرير السابق في كون الأصل هو المصافحة باليد الواحدة، وما جاء في بعض الروايات من التصريح بذلك ، بل وفي هذا الحديث دليل عليه أيضا ، إذ لو كانت العادة هي المصافحة باليدين جميعا لما ذكر ابن مسعود تلك الحالة، فذِكرُهُ لها دليل على أنها لم تكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه.
ومع هذا ، فلا توصف المصافحة باليدين جميعا بأنها بدعة، بل هي أمر جائز، غير أن السنة والأفضل الاقتصار على المصافحة بيد واحدة.
أنه يُستحبّ ألا يَنزع المصافِح يدَه من يد صاحبه حتى ينزع هو -يعني: المصافَح-. ودليل ذلك: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَامَ مَعَهُ، قَامَ مَعَهُ -يَعْنِيْ: وَاقِفاً- فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُوْنُ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِيْ يَنْصَرِفُ عَنْهُ. [4]
حكم المصافحة
و تسنّ المصافحة في اللقاء للخبر. فتصافح المرأة المرأة, و الرجل الرجل.[5]
وقد أوضحتْ كثير من الأدلة مشروعيَّتها واستحبابها؛ فقد وردت السُّنّة النبوية المطهّرة والآثار الواردة عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم, فضلاً عن إجماع الأئمة -رحمهم الله-, بما يفيد تلك المشروعية على وجْه السُّنّة والاستحباب.[6]
فمن السُّنّة المطهّرة، رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا." رواه البيهقي و الترمذي.[7]
ومن الآثار، ما رواه كعب بن مالك رضي الله عنه قال: "دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبِيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِيْ وَهَنَّأَنِيْ." رواه البخاري و مسلم.[8]
هذا فضلاً عن الإجماع، فقد أجمع الفقهاء وأئمة المذاهب على مشروعية المصافحة، وأنّها سُنّة؛ وفي هذا يقول الإمام النووي عن المصافحة: "اعلَمْ أنّها سُنّة مُجمَع عليها عند التلاقي."[9]
الأحكام المتعلّقة بالمصافحة
*      مصافحة المرأة الأجنبيّة و بالعكس
المراة الأجنبيّة هي كلّ امرأة ليست بزوْج و لا مَحرم للشخص. و الرجل الأجنبيّ هو كلّ رجل ليس بزوْج و لا مَحرم للمرأة.[10] فالحُكم واحد وهو: حُرمة المصافحة من الرّجل لها والعكس، لكونها أجنبيّة، ولكون الفتنة غيرَ مُؤتمَنة.[11]
الأدلة الشرعية والحجج القوية في تحريم مصافحة المرأة الأجنبية ما رواه معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لِأَنْ يُطْعِنَ أَحَدُكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيْدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةَ لَا تَحِلُّ لَهُ." أخرجه الطبراني ورجاله ثقات وكذا رواه البيهقي. و قَسَمُ عائشة رضي الله عنها وتأكيدها على عدم مصافحته صلى الله عليه وسلم في البيعة يدل على ردها لآثار وشبه واهية في جواز المصافحة. عدم المصافحة ليست من خصائصه صلى الله عليه وسلم.[12]
غير أنّ الخلاف حاصل بين الفقهاء بشأن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية إذا أُمِنَت الفتنةُ وعُدمت الشهوة. فقد اختلف العلماء بشأن مدى جواز المصافحة مِن عدمه على مذهبيْن:
المذهب الأوّل: يرى جوازَ المصافحة طالما انعدمت الشهوة وأُمِنَت الفتنة؛ فلا بأس من المصافحة بين الرجل والمرأة الأجنبية، والحال أنّ الفتنةَ مأمونة لعدم وجود دوافعِها عند المتصافحيْن: الرّجل والمرأة الأجنبيّة. وإلى هذا ذهب بعضُ الحنفية وبعض الحنابلة.[13]
المذهب الثاني: يرى حُرمة مصافحةِ الأجنبيّة مُطلقاً، وأنّه لا فرْق بين حالة وحالة. فلا يجوز للرجل مصافحة الأجنبيّة. وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكية والشافعية، وهو رواية عند الحنابلة.[14]
يعتقد بعض الناس أنه يجوز مصافحة المرأة الأجنبية من وراء حائل ونحوه، وهذا اعتقاد خاطئ، فلا يجوز مصافحة النساء الأجنبيات مطلقاً. نعم، هناك آثار وردت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يبايع النساء من فوق ثوبه، ولكنها مراسيل لا تقوى على دفع الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تمنع من مصافحة الاجنبيات. قال الألباني: وقد روي في ذلك بعض الروايات الأخرى ولكنها مراسيل كلها ذكرها الحافظ في الفتح، فلا يحتج بشيء منها لا سيما وقد خالفت ما هو أصح منها.[15]
*      المصافحة عقب الصلاة
استبان لنا فيما سبق: أنّ المصافحة عند اللقاء سُنّة، بمراعاة ما قيل بشأن مصافحة المرأة الأجنبيّة. وسُنِّيّة المصافحة هذه تتحقّق بدون شك عند كلِّ لقاء، حتى ولو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة، طالما كان ذلك بسبب اللقاء. وهذه المصافحة بعد أداء الصلاة، وعلى هذا السبب -وهو: اللقاء- لا تخرج عن حُكمها الأصلي، وهو القول بأنها سُنّة، على معنى أنّ كونها عقِب الصلاة لا يُخرجها عن هذا الحُكم لأنها حدثَتْ بسببٍ غير الصلاة وهو اللقاء؛ وهذا لا نزاع فيه.[16]
*       المصافحة عند المفارقة
المقرّر: أنّ المصافحة عند اللقاء سُنّة، وذلك على ما اتّضح فيما سبق، وهي عند المفارقة مشروعة، غير أنّ درجتها في المشروعية والطلب أقلُّ من الحاصلة عند اللقاء. أي: أنّ المصافحة عند المفارقة أدْنى رُتبةً من مَثيلتِها عند اللقاء. فقد روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودَّع رجُلاً أخذ بيَده، فلا يَدعُها حتى يكونَ الرّجل هو يَدَعُ يدَ النبي صلى الله عليه وسلم, ويقول: "اَسْتَوْدِعُ اللهَ دِيْنَكَ وَأَمَانَتَكَ وَآخِرَ عَمَلِكَ"،[17] وفي رواية الإمام أحمد: أنّ ابن عمر أخذ بيد قزعة عند وداعه وقال: " أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِيْنَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيْمَ أَعْمَالِكَ."[18][19]
تمّ البحث و نسأل الله أن يشرح صدرنا للذي هو خير، و أن يوفقنا إلى كلّ خير. هذا و بالله التوفيق.
المراجع:
·      الأداب الشّرعيّة, الإمام الفقيه المحدّث عبد الله محمّد بن مفلح المقدسي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1419 ه/ 1999 م.
·      الجامع الصحيح سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، المكتبة الشاملة.
·      الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، 1422ه.
·      السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد، الطبعة الأولى، 1344 هـ
·      صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النبسابوري، دار الجيل، 1334 ه.
·      فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، محمد نصر الدين محمد عويضة، المكتبة الشاملة.
·      مسند الإمام أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة.
·      المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، المكتبة الرقمية في المدينة المنورة.
·      موسوعة الدين النصيحة 1-5, الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود، ملتقى أهل الحديث.



[1] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 13.
[2] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 13.
[3] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 13-14.
[4] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 17.
[5] . الأداب الشّرعيّة, الإمام الفقيه المحدّث عبد الله محمّد بن مفلح المقدسي, ج: 2, ص: 246.
[6] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 19.
[7] . السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، ر: 13955، ب: مَا جَاءَ فِى مُصَافَحَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ، ج: 7، ص:99، و الجامع الصحيح سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، ر: 2727، ب: ما جاء في المصافحة، ج: 5، ص: 74.
[8] . الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، ر: 4418، ب: حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا"، ج: 6، ص: 3-6، و صحيح مسلم، ر: 2768، ب: حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، ج: 4، ص: 2120-2127.
[9] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 23.
[10] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 32.
[11] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 45.
[12] . موسوعة الدين النصيحة 1-5, الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود، ج: 1، ص: 360.
[13] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 45-46.
[14] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 60.
[15] . فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، محمد نصر الدين محمد عويضة، ج: 9, ص: 447.
[16] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 110.
[17] . الجامع الصحيح سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، ر: 3442, ب: ما يقول إذا ودع إنسانا، ج: 5، ص: 499.
[18] . مسند الإمام أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل، ر: 4524، ج: 8، ص: 119.
[19] . المصارحة في أحكام المصافحة، عبد الناصر بن خضر ميلاد، ص: 129.
 
Copyright © Najma Mujaddid
Blogger Theme by BloggerThemes | Theme designed by Jakothan Sponsored by Internet Entrepreneur